تم تطبيق ضريبة القيمة المضافة في المملكة العربية السعودية في بداية شهر يناير 2018م، وتوازى ذلك مع رفع أسعار تعريفة استهلاك الكهرباء ورفع أسعار الوقود لنفس الفترة. [1] [2] [3]
هذه الارتفاعات أثرت على القوة الشرائية للفرد، وبالتالي انعكست على الأنشطة الاقتصادية بما فيها النشاط العقاري. يمكن قياس بعض الأثر عن طريق نسب التضخم للأسعار.
تنشر الهيئة العامة للإحصاء "الرقم القياسي لأسعار المستهلك" بشكل شهري. سنلقي نظرة على ماذا حصل على التضخم منذ بداية 2011 وحتى شهر نوفمبر من 2019، مع التركيز على فترة ما بعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة. [4]
تسارع ارتفاع مؤشر "السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع وقود أخرى" بنهاية 2013. المكون الأساسي لهذا المؤشر هو "السكن" وتترجم في أسعار الإيجار للمساكن. بدأت مؤشرات التضخم في الانخفاض بنهاية 2015 وذلك لبوادر خروج أعداد من السكان والمشتغلين الأجانب من السوق السعودي مع انخفاض أسعار النفط.
نستطيع ملاحظة ارتفاع حاد للمؤشرات في بداية 2018 (شهر يناير)، وهذا بسبب تطبيق ضريبة القيمة المضافة (5%). وبعدها بدأ السقوط الحر لمؤشر "السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع وقود أخرى" وذلك لانخفاض الإيجارات (الارتفاع لأسعار الطاقة في هذه الفترة لم يكن ذا تأثير كبير). قد تكون هذه دلالة على انكماش في سوق التأجير العقاري لأسباب تتعلق بانخفاض الطلب ووفرة في العرض.
ولكي نعرف التغيرات الحقيقية للأسعار، يجب أن نعمل تسويات لضريبة القيمة المضافة. نلاحظ أن نسب التضخم للمؤشر "القياسي لأسعار المستهلك"، فجأة أصبحت موجبة في 2018 وهذا غير صحيح، وإنما هو أثر تطبيق ضريبة القيمة المضافة. بتسويتها، تتوافق الأرقام مع واقع السوق وذلك لانخفاض القوة الشرائية للفرد مما جعل الأسعار تنخفض لتتوافق مع انخفاض القوة الشرائية.
ولو أردنا تمثيل القوة الشرائية، فنستطيع تمثيل ذلك بشيء كان سعره 100 ريال في ديسمبر 2017 قبل تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وأصبح سعره اليوم 97.7 ريال وذلك قبل إضافة ضريبة القيمة المضافة، بانخفاض قدره 2.3%. ماذا يعني هذا؟ يعني أن الأسعار انخفضت وتَحَمّلَ مقدم الخدمة/المنتج جزء من القيمة المضافة على المنتجات والخدمات الاستهلاكية (رغم أن السعر النهائي المدفوع أعلى بعد إضافة الضريبة).
ماذا عن مؤشر "السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع وقود أخرى" ؟
نلاحظ حدة الانخفاض وذلك لأسباب بعضها واضح ظاهر وبعضها قد يخفى:
رغم تطبيق الضريبة (VAT) إلا أن المؤشر دخل في النطاق السالب في شهر مايو (قبل عمل تسوية)
ارتفاع أسعار البنزين بحوالي 74% (أوكتان 91)، ولكن لم يساعد هذا الارتفاع المؤشر بالارتفاع [3]
ارتفاع فاتورة الكهرباء بحوالي 260% لأغلب مشتركي القطاع السكني (حوالي 58% يستهلكون بين 1 إلى 2000 كيلو وات\ساعة للفاتورة الشهرية) [5]
انخفاض أسعار الإيجارات أدى لانخفاض المؤشر (رغم الارتفاعات في أسعار الطاقة)، ولأنه المكون الأكبر لهذا المؤشر فكان له الأثر في انخفاضه بشكل حاد
ولو أردنا تمثيل القوة الشرائية، فنستطيع تمثيل ذلك بشيء متعلق بالسكن (جزء من تكلفة الإيجار مثلاً) كان سعره 100 ريال في ديسمبر 2017 قبل تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وأصبح سعره اليوم 88.4 ريال وذلك قبل إضافة ضريبة القيمة المضافة، بانخفاض قدره 11.6%. ماذا يعني هذا؟ يعني أن الأسعار انخفضت وتحمل مقدم الخدمة/المنتج جزء من القيمة المضافة على المنتجات والخدمات الاستهلاكية (رغم أن السعر النهائي المدفوع أعلى بعد إضافة الضريبة)، وقد يكون سبب الانخفاض الحاد ارتفاع الشواغر في قطاع التأجير السكني بعد خروج أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية. [6]
قد ينشأ هنا بعض التساؤلات، لماذا حساسية إيجارات المساكن أعلى منها للأسعار الاستهلاكية لباقي الخدمات والمنتجات؟ وهل هذا يؤكد أن مخاطر العقارات أكبر من من النشاطات المتعلقة بالاحتياجات الاستهلاكية الأخرى؟ وماهي قدرة القطاع العقاري على مواجهة الأزمات؟ وهل كانت الانخفاضات ستكون أكثر حدة لو لم يطبق برنامج "حساب المواطن"؟
نترككم مع هذه الأسئلة، وقد نجيب على بعضها لاحقاً، كل الودّ!
المصادر:
Comments