تمر المنتجات بدورة حياة تبدأ من مرحلة الاختراع وفكرة إنشاء المنتج إلى أن تصل لمرحلة العزوف والخروج من السوق، وهذه الدورة تختلف من منتج لآخر. فمثلًا، السلع المعمرة مختلفة عن السلع الاستهلاكية، كما أن السلع الموسمية أو الدورية تتكرر فيها دورة الحياة لمنتجاتها بشكل مختلف عن السلع الضرورية. ولكن دعونا نتفق أن لذوق المستهلك والمزايا التنافسية والتطور التقني والتكنولوجي من أبرز العوامل التي تسرع أو تقلل من معدل دوران حياة المنتج.
ولأن العقار منتج، فإنه بالتأكيد يتأثر بدورة الحياة. بل أن العقار من أكثر السلع التي تتأثر بدورة الحياة وتؤثر تلك الأخيرة على سعر وقيمة العقار لما له من خصائص فريدة. فمثلًا عندما يصل حي ما إلى مرحلة التشبع والكثافة العمرانية فإن أسعار العقارات والمنازل والأراضي في ذلك الحي تتناقص تدريجيًا لقلة الطلب على ذلك الحي حتى لو كان العقار جديدًا و ذو مساحة أكبر مقارنة مع عقار آخر يقع في حي أكثر نموًا.
ولكن هناك عامل آخر أشد بالتأثير على أسعار العقارات من دورة حياة العقار وهو الدورة الاقتصادية الكاملة التي تسود البلد. إن فهم كيفية تحرك العوامل الاقتصادية بنوعيها الجزئية والكلية من شأنها أن تساعد في اتخاذ قرار استثماري عقاري أكثر دقة. وسنناقش هنا أهم الدورات الاقتصادية وعلاقتها بقيمة العقارات.
المرحلة الأولى: الانتعاش
وهي المرحلة الأولى بعد تعافي الاقتصاد من الركود، وفي هذه المرحلة سيتسم السوق بانخفاض الطلب على العقارات وارتفاع معدلات الشواغر والبحث عن مستأجرين جدد. ويعتقد محللو العقار أن هذا الوقت هو الوقت المناسب للشراء حيث تنخفض الأسعار ولكن سيقابلها طلب عالي في المستقبل بعد ما تتضح معالم الانتعاش بشكل أكثر. وقد تتشكل فرص للاستحواذ على عقارات أكثر في مناطق جغرافية متنوعة وبتكاليف قروض منخفضة حيث ستكون أسعار الفائدة في أدنى مستوى لها مما يساعد المستثمر على تسديد القروض العقارية بمعدل أسرع وأقل تكلفة.
المرحلة الثانية: التوسع
عندما تظهر علامات الانتعاش في الاقتصاد تظهر معالم النمو بوتيرة متسارعة، ويصبع السوق العقاري في وضع متوازن ومثالي نوعًا ما. وقد يستقر معدل الناتج المحلي وتتراجع معدلات البطالة لمستوياتها الطبيعية بين الطلب والعرض مما يزيد من أسعار الأمتار ومعدلات الإيجار وأسعار مواد البناء والتشطيب. في هذه الحالة تتشكل فرص قوية لتطوير أو شراء عقارات ذات قيمة مضافة لأن أسعار الفائدة لا تزال منخفضة.
المرحلة الثالثة: الذروة
يميل منحنى الطلب والعرض في هذه المرحلة إلى عدم التوازن ونرى نقطة بداية التحول إلى العرض المفرط. حيث تصبح العقارات المعروضة أكثر من العقارات المطلوبة مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار ببطء بالرغم من انخفاض معدلات الشواغر وارتفاع معدلات الإيجار. ستصل الأسعار إلى ذروتها في هذه المرحلة وقد تتشكل فرص للبيع أو الاحتفاظ.
المرحلة الرابعة: الركود
تأتي مرحلة الركود نتيجة لنمو مبالغ فيه، وتزداد العروض من العقارات بشكل أكبر من مرحلة الذروة وتنخفض معدلات الطلب على الإيجار نتيجة لارتفاع معدلات البطالة والتخلف عن سداد القروض العقارية واغلاق المصانع والشركات. و تصل الأسعار إلى أدنى مستوياتها في وضع يشوبه القلق من حدة الانحدار في الأسعار. وينصح بالانتظار في هذه المرحلة حتى تتبين البوادر الأولى للانتعاش ومن ثم الإقبال على الشراء بالتدريج.
بعد التعرف على طبيعة الدورة الاقتصادية وتأثيرها على السوق، ستتشكل لدى المستثمر صورة واضحة من أجل اتخاذ قرار استثماري يصب في مصلحته. لذلك يجب عليه أن يتخذ القرارات في ضوء المؤشرات المالية والعقارية معًا. فمثلا أسعار العقارات الجديدة في مرحلة دورة حياة العقار والتي تتسم بكونها أسعار منخفضة (مرحلة البداية او الإنطلاق) قد تكون أسعار مبالغ فيها إذا ما كان الوضع الاقتصادي الراهن يمر في مرحلة الذروة. والعكس في حالة أن العقارات قد وصلت على مرحلة التشبع في دورة حياة العقار فقد تتشكل فرص للشراء بسبب انخفاض أسعارها في وقت الركود أو الانتعاش الاقتصادي.
بقلم/ فاطمة العلي
المصادر:
https://www.crowdstreet.com/resources/investing/real-estate-cycle/
Comments